التزام الإمارات العالمي بالتجارة المستدامة
تتخذ دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات جريئة نحو تأمين مستقبل التجارة العالمية، من خلال تبنيها لسلاسل إمداد قائمة على البيانات، مرنة، ومستدامة. ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية والتحديات المناخية، أصبحت الحاجة ملحّة لإستراتيجيات ذكية تضمن استمرارية التجارة العالمية.
وفي مؤتمر سلاسل الإمداد والمشتريات الدولي (IPSC 2025) في دبي، أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان التزام الدولة الراسخ ببناء منظومات لوجستية مبتكرة وذكية، تتخطى النماذج التقليدية لتصبح أكثر تكيفاً، ابتكاراً، واعتماداً على التقنيات الحديثة.
هذا التوجه لم يكن نظرياً فقط، بل انعكس على أرض الواقع من خلال رؤية القيادة الرشيدة ممثلة بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، حيث وضعوا أساساً متيناً للتنمية المستدامة والمرونة الاقتصادية.

مؤتمر IPSC Blue Ocean
لماذا أصبحت سلاسل الإمداد الذكية والمرنة ضرورية الآن؟
كشفت الأزمات المتتالية مثل الجائحة، وتقلبات التجارة، والاضطرابات الجيوسياسية هشاشة النظم التجارية التقليدية. وهو ما سلّط الضوء على الحاجة إلى سلاسل إمداد قادرة على التكيف، ومبنية على الذكاء والبيانات.
أصبح الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وتحليلات البيانات عناصر أساسية في بناء منظومات تتنبأ بالمشكلات قبل حدوثها وتعيد توجيه الموارد بمرونة. واليوم، لم تعد التكنولوجيا مجرد رفاهية بل ضرورة حيوية لاستمرار سلاسل التوريد.
الإمارات تدرك ذلك جيداً، وتسعى جاهدة لتطبيق مشتريات ذكية تعتمد على الوقت الحقيقي والشفافية والكفاءة، مما يعزز قدرتها على مواجهة التحديات العالمية، وتحقيق أقصى استفادة من فرص التجارة الحرة.
صعود سلاسل الإمداد التجديدية والكربونية السالبة
قدّم الدكتور ساتيا مينون، الرئيس التنفيذي لمجموعة Blue Ocean، مفهوماً جديداً يتجاوز الاستدامة: سلاسل الإمداد التجديدية. هذا النموذج لا يكتفي بالتقليل من الأثر البيئي، بل يسعى إلى إصلاح وتجديد النظم البيئية المحلية.
ويُعد الشراء المحلي أحد أبرز الأدوات في هذا النهج، إذ يساهم في تقليل التكاليف اللوجستية، وخفض الانبعاثات الكربونية، وتنشيط الاقتصاد المحلي. فكلما اقتربت مصادر الإنتاج من وجهات الاستهلاك، انخفضت الانبعاثات، وزادت الاستدامة الاقتصادية والمجتمعية.
هذا التوجه يدعم رؤية الإمارات في بناء اقتصاد دائري، يعتمد على تقليل الفاقد، وإعادة الاستخدام، وتحقيق نمو شامل ومستدام.
التحول الرقمي في المشتريات وتفعيل برنامج القيمة المحلية المضافة (ICV)
يُعد تطبيق DubaiNow نموذجاً رائداً في رقمنة سلاسل الإمداد الحكومية، حيث وحّد عمليات الشراء لأكثر من 40 جهة حكومية، مما عزز الشفافية، وسهّل تجربة الموردين، ورفع كفاءة الإنفاق العام.
أما برنامج القيمة المحلية المضافة (ICV)، فقد أعاد توجيه أكثر من 145 مليار درهم إلى الاقتصاد الإماراتي منذ عام 2018، من خلال ربط العقود الشرائية بمساهمات الشركات المحلية.
أوضح نبيل سوسو، نائب الرئيس التنفيذي للمشتريات في شركة PepsiCo (AMEASA)، أن الهدف من هذه البرامج ليس فقط خفض التكاليف بل تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وتشجيع الابتكار المحلي، وتنويع مصادر الدخل.
التعاون الدولي ومستقبل التجارة العالمية
التجارة العالمية لا تنمو في عزلة. فالشراكات بين القطاعين العام والخاص، والتعاون الدولي، وتبادل الخبرات، كلها أساسات لمنظومات تجارية متكاملة ومرنة.
وقد سلط مؤتمر IPSC 2025 الضوء على هذا التعاون من خلال حضور شخصيات بارزة مثل سوراف غانغولي، القائد السابق للمنتخب الهندي، وأمرتا فادنافيس، الناشطة الاجتماعية ورئيسة مؤسسة “ديفيجا”، ما أضفى بُعداً دولياً للمؤتمر.
وأكد السيد عبد العزيز، رئيس مجلس إدارة Blue Ocean، أن الإمارات لم تعد مجرد مركز تجاري، بل أصبحت مهندساً عالمياً لمنظومات التجارة الحديثة، تنشر رؤاها من دبي إلى دلهي، ومن لندن إلى الرياض.
الأسئلة الشائعة
ما الفرق بين سلاسل الإمداد التجديدية والمستدامة؟
السلاسل التجديدية تسعى إلى استعادة النظم البيئية وتحفيز الاقتصاد المحلي، بينما تسعى السلاسل المستدامة فقط إلى تقليل الضرر البيئي.
كيف تستفيد الإمارات من الذكاء الاصطناعي في سلاسل الإمداد؟
توظف الإمارات الذكاء الاصطناعي لتحسين التنبؤ، أتمتة العمليات، وتحقيق الاستجابة السريعة للأزمات.
ما أهمية برنامج القيمة المحلية المضافة (ICV)؟
يعزز البرنامج الاقتصاد المحلي من خلال إلزام الشركات بزيادة وجودها في الإمارات مقابل الحصول على عقود حكومية.
كيف يساهم الشراء المحلي في تقليل البصمة الكربونية؟
يقلل الشراء المحلي من مسافات النقل، وبالتالي يقلل الانبعاثات الناتجة عن الشحن والخدمات اللوجستية.
ما هو دور IPSC في مستقبل التجارة العالمية؟
يمثل IPSC منصة عالمية لتبادل المعرفة، تعزيز الشراكات، وتحديد معايير التجارة الذكية والمستدامة.
لماذا تعتبر الإمارات رائدة عالمياً في ابتكار سلاسل الإمداد؟
بفضل رؤيتها الطموحة، واعتمادها على التكنولوجيا، والتزامها بالاستدامة، وتعاونها الدولي، تقود الإمارات مستقبل التجارة الذكية.
الإمارات لا تسعى فقط إلى التكيف مع تغيرات التجارة العالمية، بل تقود تحولاً جذرياً نحو نظم ذكية، مرنة، وتجديدية. من المشتريات الرقمية إلى دعم الاقتصاد المحلي، ومن تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى السياسات المستدامة، تقدم الدولة نموذجاً يُحتذى به على المستوى الدولي.
في عالم متغير، تقف الإمارات كمركز إشعاع للابتكار، والحوكمة الرشيدة، والتعاون العالمي. وقد حان الوقت للدول الأخرى أن تحذو حذوها.